المنوعات

التغير المناخي في القطب الجنوبي يثير قلق العلماء

22 يناير 2017
22 يناير 2017

قاعدة كارليني العلمية (القطب الجنوبي)، (أ ف ب): تثير التقلبات الناجمة عن الاحترار المناخي التي تضرب القطب الجنوبي قلقا في صفوف العلماء، من ارتفاع درجات الحرارة وذوبان الجليد وهطول الأمطار بدل الثلوج الى التلوث الجوي.

ويقول رودولفو سانشيز مدير معهد القطب الجنوبي الأرجنتيني «حين كنت اذهب الى القطب الجنوبي في التسعينات، لم يكن المطر يهطل هناك أبدا، أما اليوم فالسماء تمطر بانتظام، بدل أن تثلج». على مسافة ألف كيلومتر من أقصى جنوب القارة الأمريكية، تقع جزر شيتلاند الجنوبية، وهي تقبع في صدارة قائمة المناطق المتأثرة بالتغير المناخي.

ففي الأعوام المائة الماضية، ارتفع متوسط الحرارة فيها بمقدار درجتين ونصف الدرجة.

ويثير ذوبان الجليد فيها قلق العلماء.

ويقول سانشيز إن الجليد هناك كان يبلغ الشاطئ، أما اليوم، فقد انحسر مسافة 500 متر، مشيرا الى جبل جليدي ضخم قرب قاعدة كارليني الأرجنتينية التي تتركز الأبحاث فيها حول آثار التغير المناخي.

واصبح المناخ اكثر اعتدالا في الصيف الجنوبي، الممتد من ديسمبر الى مارس، وهو الموسم الذي يتوجه فيه العلماء الى هذه القاعدة، احد المراكز العلمية الأرجنتينية الثلاثة عشرة في القارة الجنوبية.

منذ العام 1989، يوزع لويس سوزا وقته بين بوينوس ايرس وقاعدة كارليني، وهذا التقني البالغ من العمر اليوم 56 عاما يركز نشاطه في مراقبة الطيور المهاجرة، ويقول «كل سنة يزداد عدد هذه الطيور».و للعام الثالث على التوالي، تستقبل جزيرة الملك جورج زوجين من طيور بطريق الملك اعتادا على المجيء إليها للإنجاب، على مقربة من قاعدة كارليني.

ومن المبكر بعد التأكيد أن هذه الزيارة السنوية، غير المعتادة في السابق، هي من آثار الاحترار المناخي، لكن العلماء لا يستبعدون هذه الفرضية.

فهذا النوع يعيش عادة في منطقة باتاغونيا اقصى جنوب القارة الأمريكية، وفي جزر المالوين(الفوكلاند) التابعة لبريطانيا، على بعد ألفي كيلومتر من هذا المكان، حيث يكون البرد اقل شدة.

في القرن العشرين، تحولت القواعد العسكرية في القارة الجنوبية الى مختبرات علمية حول مستقبل الأرض، وهناك تختفي الخلافات الدبلوماسية بين الأرجنتينيين والتشيليين والروس والبريطانيين والبولنديين، ويعملون صفا واحدا.

وتقول ادريانا غوليسانو عالمة الفيزياء العاملة في الإدارة الوطنية للقارة الجنوبية «القطب الجنوبي أشبه بميزان حرارة، انه افضل مكان لقياس التغير المناخي، أنا لا أتحدث عن التقلبات الطفيفة، وإنما عن التغيرات الكبرى». فقد أدى ارتفاع متوسط درجات الحرارة الى «انحسار كبير جدا في الجليد»، كما تقول.

ويؤدي ذوبان الجليد الى تغيير درجة ملوحة المياه، ويوثر على الكائنات المجهرية وأنواع صغيرة من الروبيان تتكاثر تحت الجليد، والثدييات البحرية التي تقتات عليها، وبذلك تضطرب السلسلة الغذائية برمتها، بحسب سانشيز.

وإذا كان التغير المناخي يثير قلق علماء البيئة والمناخ، إلا انه يثير حماسة علماء المتحجرات.

ففي الماضي الغابر للأرض، كانت القارة الجنوبية مغطاة بالغابات الكثيفة وموطنا للديناصورات قبل أن تتجمد. وكان ذلك قبل 75 مليون سنة.

في سفح الجبل المشرف على قاعدة كارليني، ترتفع مبان حمراء مطلة على الشاطئ حيث ينتشر الحصى البركاني الأسود وتتجمع كتل الجليد التي تزن أطنانا عدة.

ينتظر العلماء الإمدادات التي تأتيهم بحرا او تنقلها اليهم الطائرات المروحية، وتخزن النفايات بانتظار نقلها الى بر القارة الأميركية، ويصل عدد العلماء والعسكريين العاملين هناك في الصيف القطبي الى نحو ألف. ومن التجارب الجارية حاليا في قاعدة كارليني ما تقوم به عالمة الأحياء مارتا مارتوريل التي تجري اختبارات على كائنات مجهرية يمكن استخدامها في صناعة الأدوية، وكائنات مجهرية أخرى يمكن أن تستخدم في إزالة التلوث بالوقود، وهي تقول إن نتائجها حتى الآن «مشجعة جدا».