أفكار وآراء

قَولُ الحقيقة لحليفتِنا إسرائيل !!

22 يناير 2017
22 يناير 2017

برنت سكوكروفت وتوماسب يكَرينج -

ترجمة قاسم مكي -

واشنطن بوست -

قبل أيام اتخذت إدارة أوباما موقفين لهما مغزى فيما يتعلق بالقضية الإسرائيلية - الفلسطينية. فهي من جهة امتنعت عن استخدام حق الفيتو ضد قرار بمجلس الأمن الدولي يورد بالتفصيل،من بين أشياء أخرى، الأثر المدمر للتوسع الاستيطاني الإسرائيلي على مستقبل اتفاق السلام المرتكز على حل الدولتين. ومن جهة أخرى وفي حديث يشكل حدثا بارزا، حذر وزير الخارجية جون كيري من أن الاتجاه نحو تكريس واقع الدولة الواحدة يتعزز باطراد. ورسم كيري مبادئ لسلام دائم على أساس حل الدولتين. لقد أشار،وهو محق في ذلك، إلى أن اختفاء خيار الدولتين لا يفيد أحدا سواء الإسرائيليين أو الفلسطينيين أو الأمريكيين. نحن نشاطر كيري مخاوفه ونحيي إدارة أوباما لشرحها نتائج جهودها من أجل السلام بطريقة شفافة ومقنعة. لقد تقاسمنا عن قناعة عظيمة على مدى عقود، سواء في الحكم أو خارجه، التزام الولايات المتحدة تجاه إسرائيل وأمنها. كما تتبعنا بقلق متزايد عدم القدرة على تأمين ذلك النوع من السلام الذي يستحقه حقا الإسرائيليون والفلسطينيون والذي يخدم على أفضل نحو أهدافَ الولايات المتحدة في المنطقة وما وراءها. لا أحد بمنجاة من اللوم على غياب السلام. ولكن مصادرة الأرض الفلسطينية التي لا هوادة فيها وتوسع الوجود الإسرائيلي في الأراضي المحتلة منذ عام 1967 أوجدا حقائق على الأرض تدعو بلا مواربة إلى الخشية من أن التوصل إلى اتفاق الدولتين قد يستحيل عما قريب. لقد استثار حديث كيري وقرار الولايات المتحدة بالامتناع عن التصويت على قرار مجلس الأمن رقم 2334 جدلا في الداخل والخارج. ونحن نشعر بأهمية التذكير بحقائق بسيطة محددة. لقد ظل دعم السلام الإسرائيلي- الفلسطيني المرتكز على انسحاب إسرائيلي إلى الحدود المرتكزة على خطوط عام 1967 ومعارضة المستوطنات المدنية الإسرائيلية في المناطق المحتلة مبدأين قديمين لسياسة الولايات المتحدة يُجمع عليهما الحزبان الجمهوري والديمقراطي. وقرار إدارة كارتر بعدم قانونية المستوطنات بناء على القانون الدولي لم يتم نقضه أبدا من جانب الرؤساء الجمهوريين والديمقراطيين الذين تعاقبوا بعده. ولم تكن أي من الإدارات الأمريكية مغرمة بأن تتسلم الأمم المتحدة زمام القيادة حول هذا الموضوع بالنظر إلى سجلها فيما يخص إسرائيل. ولكن كل الإدارات منذ عام 1967 صوتت أحيانا في مجلس الأمن ضد رغبات حكومة إسرائيل. ومع إحراز الإسرائيليين والفلسطينيين أنفسهم تقدما بمساندة الولايات المتحدة، برز إجماع بين الحزبين (الديمقراطي والجمهوري) بتفضيل حل الدولتين. إن مجرد حصول إجماع حول شيء ما لا يجعله بالضرورة صائبا.

ولكن في هذه الحال كان السعي المشترك وراء سلام الدولتين مرتكزا على أرض صلبة. فهو ليس فقط أفضل خيار متاح لإسرائيل ولأولئك الفلسطينيين الذين يبحثون عن حل سلمي للصراع ولكنه أيضا الخيار الأفضل للمصالح القومية لأمريكا نفسها. فحتى في منطقة بلغ فيها عدم الاستقرار مبلغه، يمكن أن يؤدي تفجرُ أحداثٍ على الجبهة الإسرائيلية الفلسطينية إلى رفدِ التطرف. وإذا ظل اتفاق سلام الدولتين خارج الأجندة بصورة دائمة ونشأ صراع متطاول ومتزايد في عنفه في الأراضي الفلسطينية المحتلة فإن تداعياته على المصالح الأمنية القومية للولايات المتحدة ستكون مزعجة، خصوصا بالنظر إلى التزامنا تجاه أمن إسرائيل. وحين يجزم الرؤساء الأمريكيون بمعارضتهم للمستوطنات ويؤكدون تأييدهم لحل الدولتين فإنهم يفعلون ما تستلزمه اليمين الدستورية (القسم الرئاسي) التي يؤدونها عند تنصيبهم وهو خدمة مصالح الأمن القومي للولايات المتحدة. إن التزامنا تجاه إسرائيل صحيح وراسخ ولكنه لايمكن أن يمتد إلى إلزام أنفسنا بسياسات خاطئة تقوِّض مصالح الولايات المتحدة ورفاهيتها وأمنها. نحن نعتقد أن رفض السلام وتعزيز المستوطنات مؤذيان لإسرائيل أيضا. فإذا فقدنا خيار الدولتين يمكن جدا حينها أن نفقد القدرة على تأسيس العلاقة الأمريكية الإسرائيلية على قيم مشتركة. إن حرمان الملايين من الناس حرمانا دائما من حقوقهم على أساس عرقي- قومي (بتعبير كيري « فصل الفلسطينيين وعدم ومساواتهم» ) لا ينسجم مع القيم الأمريكية. وهذا شيء لا يمكن أن نعتبره بسيطا. إن إدارة أوباما، اتساقا مع الإدارات التي سبقتها، على صواب في القيام بواجبها لتعزيز كرامة كلا الشعبين في(التمتع) بالاستقرار والأمن.

كما أنها محقة أيضا في قول الحقيقة حتى عندما لا تكون مريحة لأقرب حلفائنا. نحن نفهم أيضا أن الإدارات الأمريكية واختياراتها تتغير، ونحن نحتفي بهذا الجزء من ديمقراطيتنا. وتعلمنا التجربة أن الفترتين الانتخابية والانتقالية شيء وفترة ممارسة الحكم شيء آخر مختلف تماما. وستواجه إدارة ترامب، مثلها في ذلك مثل الإدارات التي سبقتها، تحديات ومعضلات شائكة حول العالم ليس أقلها في الشرق الأوسط. ونحن نأمل في أن قادتنا الجدد حين يأتي أوان وزن البدائل سيعلمون أن الحكمة هي في تعزيز خيار السلام الوحيد القابل للتطبيق. إنه خيار فلسطين ذات السيادة والمجاورة لإسرائيل الديمقراطية والآمنة مع رسم حدود متفق عليها على أساس خطوط عام 1967.

• برنت سكوكروفت عمل مستشارا للأمن القومي للرئيسين جيرالد فورد وجورج بوش (الأب) وتوماس بيكرينج وكيل سابق لوزارة الخارجية وسفير أمريكا لدى الأمم المتحدة وإسرائيل وبلدان أخرى. والاثنان هما،على التوالي، الرئيس الفخري ورئيس مشروع الولايات المتحدة/‏‏ الشرق الأوسط