898888
898888
شرفات

مجد الفقاعة

16 يناير 2017
16 يناير 2017

صالح العامري -

1-

في صورتك ما يدفع الخبّازين إلى الأفران، والنجّارين إلى الأخشاب، والصيّادين إلى القوارب، والعتّالين إلى الصخور، والمومسات إلى الغنج الحزين، والعازفين إلى أنة الناي، والرحّالة إلى نزهة الجبل، والقابلات إلى القهقهة، والشعراء إلى الإيمان بالأجنحة، والمتصوفة إلى الرقص، واللصوص إلى انتهاز الفرص، والساعاتيين إلى نسيان الزمن، والعشّاق إلى عبادة المناديل التي تُرِكتْ على الأريكة، والنحاتين إلى الارتياع، فالارتعاش، فالموت بعد اكتمال الصورة

2-

في صُلبك ما يجرفني إلى النبع

في هيكلك- الذي بلا عظم، بلا لحم، بلا شحم- ما يدلني على الفأس ذي الرأس المزدوج

في صفتك العارفة يتخذ شبقي هيئة النهر، متحدراً بالعنفوان الأزليّ

في عنوانك المؤكد أولد الآن

3-

في فخذيك الشفيفين تحترق أجساد الفراشات

في عينيك السريتين نبوءة المنفى وأغاني الحطابين

في شفتيك اللامعتين ينصب العصفور فخ الأبدية

في مولدك ثمة طوفان حالم

في تهاديك الرشيق يمامة تندب صيّادها

في دورانك الأعمى ثمة أقمار رعوية

في انفجارك المهووس بالصمت

أسمع أغنية البجعة الذبيحة

التي تخضّب كريستال الفجر

4-

أسافر في جوفك مثل منفى

أغمغم في أجنحتك كمن يعرف سر الدُوار

أكرع وإيّاكِ خمر الحقيقة

أرقص في حلبتك كأنني سامبا

أحشو حلقي بلوزك وجوزك الطيّارين

أدس في جيبي روح نجمتك المجنونة

أنهمك في لطف عُريكِ كمن يصقل لؤلؤة أو ينسج الوديان

أمسّ كتابك المقدس كما لو أنني هالة تسقط في قلبها

أتنزه عمودياً في منطاد قوسك الحر

أتلعثم أفقياً في وجه طفلك

أصير حصاناً يحمحم في قبة غيمتك

أقفز طائر بطريق لدغه البرد إلى عينيك الصافيتين

5-

أنتِ الشجرة التي تطير

الطائر الذي له خرير النهر

الأعمى الذي يقود قطار الأشواق

الدائرة التي تعصف بالأشكال

الظل والضوء وهو يمارسان الحب

الثوب المكتمل الذي ينزف العري

الحجاب المائيّ الذي يندلع فيه أسد النار

الهواء الذي يحك خد النمر

الطريدة التي تبتلع المفترس

الجرادة التي تحوم على رأس الملاك

الليل المعبّأ في كأس

الجريمة الوحيدة التي بلا جريرة

الموسيقيّ الذي جُنّ

الفيلسوف الذي صار طائرة ورقية

الحارس الذي نام

المائدة التي صعدت إلى السماء

لكي ترسم القيامة