صحافة

خدعة نتانياهو !!

13 يناير 2017
13 يناير 2017

في زاوية حديث القدس كتبت الصحيفة مقالا بعنوان: خدعة نتانياهو !!، جاء فيه:

خرج علينا رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو أمس الأول خلال استقبال وزير الخارجية النرويجي بتصريحات غريبة عجيبة قال: إن مؤتمر السلام الدولي في باريس «خدعة فلسطينية برعاية فرنسية» وأن «مؤتمر باريس يندرج ضمن جهود تدمير السلام»، وهو ما يثير التساؤل ليس فقط حول نوايا ومواقف نتانياهو الذي يسعى جاهدا لإرضاء اليمين الإسرائيلي المتطرف والبقاء في الحكم في الوقت الذي تلاحقه شبهات الفساد والتحقيقات الداخلية في إسرائيل، بل إن هذه التصريحات تثير التساؤل التالي: هل فرنسا الدولة العظمى التي تتمتع بحق الفيتو في مجلس الأمن وأكثر من سبعين دولة ومنظمة دولية، بما في ذلك الولايات المتحدة الأمريكية التي سيشارك وزير خارجيتها جون كيري في المؤتمر، هل وقعت فعلا في «فخ» الخدعة الفلسطينية على حد تعبيره؟ وهل يعقل أن يكون هذا الإجماع الدولي، بما في ذلك دول كالولايات المتحدة حليفة إسرائيل، على خطأ بينما نتانياهو وحده على صواب؟!

المفارقة أيضا أن يطلق نتانياهو هذه التصريحات أمام وزير خارجية النرويج التي قامت بدور هام في عملية السلام واتفاقيات أوسلو، والعضو في الاتحاد الأوروبي الذي يؤيد عقد مؤتمر باريس ويدين سياسات الاستيطان التي ينتهجها الاحتلال الإسرائيلي.

إن ما يجب أن يقال هنا: إن الخدعة الحقيقية التي يتحدث عنها نتنياهو إنما هي الخدعة التي يخدع بها نفسه أولا ثم الخدعة التي يحاول خداع الإسرائيليين بها وإيهامهم أنه حريص على مصالح إسرائيل، والخدعة الأكبر محاولة نتانياهو تضليل الرأي العام العالمي بأن الجهود التي يبذلها المجتمع الدولي لدفع عملية السلام قدما إنما هي معادية لإسرائيل وتدمر عملية السلام.

ما يعرفه نتانياهو ويدركه جيدا أن مؤتمر باريس وجهود المجتمع الدولي بشأن السلام إنما تدمر أطماع التوسع والاستيطان والاحتلال التي يسعى نتانياهو وحلفاؤه في اليمين الإسرائيلي المتطرف في ائتلافه الحكومي إلى تحقيقها، ولهذا يرفض نتانياهو ومسؤولو حكومته اليمينية أي جهد حقيقي للتقدم نحو السلام.

ومن الأجدر بنتانياهو أن ينظر حوله ليدرك أنه بات معزولا تماما في مواقفه المتطرفة هذه، فهو هاجم إدارة أوباما ووزير الخارجية كيري، كما هاجم الأمم المتحدة ومجلس الأمن والدول الـ«14» التي صوتت لصالح القرار 2334 الذي يدين الاستيطان ويؤكد وحدة الأراضي الفلسطينية المحتلة بما فيها القدس العربية، وهاجم المواطنين الفلسطينيين وأحزابهم في إسرائيل كما هاجم اليسار الإسرائيلي...والقائمة طويلة، ويبدو أنه بات رهينة للمستوطنين وغلاة المتطرفين وممثليهم في ائتلافه الحاكم وفي مقدمتهم نفتالي بينيت رئيس حزب «البيت اليهودي» المتشدد.

وأخيرا نقول لنتانياهو وحكومته: إن فرنسا ترفض بالتأكيد هذا الكلام الفظ وكأنها لا تميز بين الحق والعدل والحرية وبين الاحتلال غير المشروع لتقع في خدعة هذا الطرف أو ذاك بل إن تجربتها السياسية والدبلوماسية تفوق تجارب نتانياهو وحكومته مئات الأضعاف وتمتد الى مئات السنين وليس إلى 69 عاما منذ قيام إسرائيل.

كما أن الجانب الفلسطيني الذي يحاول نتانياهو تصويره بالمخادع يرفض هذه الوقاحة الإسرائيلية وهذه الغطرسة كأن النضال الفلسطيني السياسي والدبلوماسي الذي يستند إلى الشرعية الدولية والقانون الدولي ومبادئ الحق والعدل إنما هو خداع، وعلى نتانياهو أن يدرك أن الخداع الحقيقي هو موقفه وموقف حكومته غير الأخلاقي الذي يدافع عن احتلال غير شرعي واستيطان غير شرعي أدانه العالم أجمع.

ولعل شبهات الفساد التي كشفتها وسائل الإعلام الإسرائيلية وجرى التحقيق فيها تدلل على المخادع الحقيقي.