sharifa
sharifa
أعمدة

وتر : ذلك ما ليس أريد

11 يناير 2017
11 يناير 2017

شريفة بنت علي التوبية -

كُتب هذا المقال في مساء اليوم الأخير من العام الذي مضى، كُتب في تلك اللحظة الفاصلة بين عامين، أنه مقال اللحظة الأخيرة، مقال تعمدت كتابته لأخبركم عن السؤال الذي أسأل به نفسي في مساء يومي الأخير من كل عام علّني ألتقي بعامي الجديد وأنا قد تخففت من ثقل ما أنا عليه من عبء أن أكون كائن حي.

هل هذه هي الحياة التي أريدها حقاً؟ السؤال ليس سهلاً كما تظنون أنه سؤال مُخادع ومُربك ومُخجل ولا يمكن أن تأتي الإجابة مباشرة كما أتى السؤال، لأن الحياة التي أتينا إليها لم تكن باختيارنا، ولم يكن بقاؤنا عليها اختيار، فنحن لا نختار لحظة خروجنا إلى الحياة ولا خروجنا منها، نحن المتأرجحون بين الموت والحياة في رحلة قصيرة عابرة نظن فيها أننا القادرون على فعل كل شيء، والعجيب أننا نبقى متمسكين بحياة هي ليست لنا، ونستمر في حيوات لا تشبهنا لكنها تشبه الآخر ونحبها لأنها تشبه الآخر، ومع ذلك نمضي ونستمر في غربة بيننا وبين أنفسنا وبين حياتنا التي نحياها، نلبس كما يلبس الناس لنعجبهم، ونتحدث كما يتحدث الناس لنلفت انتباههم، ونفكر كما يفكرون، ونأكل أيضاً ما يأكلون، نزين بيوتنا وفقاً للذوق السائد، نصبح ببغاوات تردد كل ما يقوله الآخرون نراقبهم لنصبح نسخة أخرى منهم فنفقد أنفسنا ونضيع بينهم فلا نعرف من أنفسنا سوى ما تراه عيونهم فينا، يرعبنا الاختلاف.

يخيفنا أن نخرج من القطيع، نخشى أن يأكلنا الذئب إذا ابتعدنا، تعجبنا تلك التبعية لكل فكرة سائدة، نشعر بالأمان إذا كان صوتنا مندّساً بين أصواتهم، يسعدنا جداً أن نكون متفقين على كل شيء حتى على الخطأ، فنحن من يبارك الخطأ، ونحن من يفهم الحرية على أنها خروج عن المألوف والمسموح، ويصبح الدين لنا ستار لأخطاء نرتكبها دون أن نعترف بها، وتصبح العادات والتقاليد حجتنا القوية لأن نظل كما نحن دون أن نتغير، فالتغير آفة الشعوب ( وإلي تعرفه أحسن من إلي ما تعرفه)، نحن الدراويش الساقطون في نصف الدائرة دون أن نحاول تجاوز محيط الدائرة ولو بسنتيمتر واحد، لأن ما خلف محيط الدائرة جحيم حارقة أو طوفان غارق.

في نهاية كل عام يجرحني السؤال قبل أن تُحرجني الإجابة، هل هذه الحياة التي أريدها حقاً!.. يظل السؤال معلقاً ومتأرجحاً معي في حبل مهترئ قابل للانقطاع والسقوط بين عام مضى وعام أتى.