889227
889227
إشراقات

مساعد المفتي: النبي وجه أمته بإيلاء الأولاد «ذكورا وإناثا» مزيد عناية وحسن تربية وجميل أدب وكل عاطفة وحنوّ ورفق

05 يناير 2017
05 يناير 2017

في سبيل تربيتهم تربية صالحة..

عرض: سيف بن سالم الفضيلي -

أكد فضيلة الشيخ الدكتور كهلان بن نبهان الخروصي مساعد المفتي العام للسلطنة في إحدى حلقات برنامج «سؤال أهل الذكر» بتلفزيون سلطنة عمان انه متى ما رزق الإنسان بشيء من البنات فأحسن إليهن وقام بتربيتهن التربية الإسلامية التي تنشئهن على الفضائل وعلى جميل الخصال وعلى أن يكنّ مؤهلات للأدوار اللاتي نيطت بهن في هذه الحياة فإن فضله أعظم عند الله تعالى. وقال فضيلة الشيخ إن الدين جاء لكي يجتث جذور عادات أهل الجاهلية في التأفف من ولادة البنات وجاء يعالج أصولها ويبين أن الله سبحانه وتعالى يهب من يشاء من عباده ما يشاء من نعمة الولد، موضحا أن اجتثاث هذا المعنى الجاهلي الذي كان سائدا قبل البعثة المحمدية على صاحبها أفضل الصلاة وأزكى السلام إنما جاء في جملة من آيات الكتاب العزيز التي تبين فساد معتقد أهل الجاهلية باستحيائهم من ولادة البنات وبتواريهم عن الأنظار. ونبّه فضيلته إلى انه لا يصح أصلا أن تكون ميزانية الإنفاق على البنات سببا داعيا إلى الضجر والتأفف وإلى كفران نعمة الله سبحانه وتعالى على العبد لأن الله سبحانه وتعالى عد ذلك في كتابه الكريم أيضا من معتقدات أهل الجاهلية.

ومن التربية النبوية للبنات ضرب فضيلته مثلا بالنبي صلى الله عليه وسلم إذ قدم قدوة حسنة لأصحابه وللمسلمين جميعا بأهمية رعاية البنات، حيث انه صلى الله عليه وسلم لم يجد غضاضة يأخذ ابنة ابنته زينب رضوان الله تعالى عليها إلى الصلاة وهو يصلي بالناس وهو إمام الأنبياء والمرسلين سيد الخلق على الإطلاق صلى الله عليه وآله وسلم ثم يحملها فيضعها إذا سجد وإذا ركع وإذا قام حملها أو رفعها كما في الروايات، مشيرا إلى أن هذه الدلالة التربوية المليئة بالمحبة والشفقة والعاطفة التي يعامل بها رسول الله صلى الله عليه وسلم حفيدته كما كان شأنه في معاملته لسائر الأولاد وفي توجيهه لصحابته الكرام رضوان الله تعالى عليهم بإيلاء الولد مزيد العناية وحسن التربية وجميل الأدب وكل العاطفة والحنوّ والرفق في سبيل تربيتهم ذكورا وإناثا تربية صالحة.. والى ما جاء في الحلقة الأولى منه.

من رزق بشيء من البنات فأحسن إليهن ورباهن تربية إسلامية فإن فضله عند الله تعالى عظيم -

كان سائدا...

نفسيات بعض الآباء عندما يبشرون ببنت حتى لا يقعوا في الوصف الإلهي الذي وصف الله تعالى به أهل الجاهلية يتوارى بعضهم خلف مجموعة من التصرفات فلا يرسل رسالة إلى أصدقائه بأنه بشر بمولودة مثلا كما انه لا يلاقي زوجته بذلك البشر، كما لو كانت قد ولدت له ولدا أو ابنا – نحن لا نستطيع نقول بأن هذا منتشر- ولكن وجوده بنسبة قليلة يحتاج إلى معالجة.. ما هي فضيلة من أكرمه الله تعالى ببنت؟

الذي تشيرون إليه مع قلّته إلا انه من عادات أهل الجاهلية التي جاء هذا الدين لكي يجتث جذورها ويعالج أصولها ويبين أن الله سبحانه وتعالى يهب من يشاء من عباده ما يشاء من نعمة الولد، واجتثاث هذا المعنى الجاهلي الذي كان سائدا قبل البعثة المحمدية على صاحبها أفضل الصلاة وأزكى السلام إنما جاء في جملة من آيات الكتاب العزيز التي تبين فساد معتقد أهل الجاهلية باستحيائهم من ولادة البنات وبتواريهم عن الأنظار ولذلك قال الله تبارك وتعالى: «وَإِذَا بُشِّرَ أَحَدُهُمْ بِالْأُنْثَى ظَلَّ وَجْهُهُ مُسْوَدًّا وَهُوَ كَظِيمٌ ، يَتَوَارَى مِنَ الْقَوْمِ مِنْ سُوءِ مَا بُشِّرَ بِهِ أَيُمْسِكُهُ عَلَى هُونٍ أَمْ يَدُسُّهُ فِي التُّرَابِ أَلَا سَاءَ مَا يَحْكُمُونَ» وفي هذه الآية نفسها دلالة على فضل ولادة البنات لأن الله سبحانه وتعالى قال: «وَإِذَا بُشِّرَ أَحَدُهُمْ بِالْأُنْثَى» مع انهم في معتقدهم الذي جاء القرآن لمعالجته لا يعدون ذلك من البشارة لكن الأمر في ذاته مستوجب للاستبشار ولذلك سمى الله سبحانه وتعالى هذا النبأ الآتي إلى المولود له سماه بشارة وقال: «وَإِذَا بُشِّرَ أَحَدُهُمْ بِالْأُنْثَى» ثم حكى القرآن الكريم الحالة التي يكونون عليها مما يعيبه فيهم، وهذه المعالجة جاءت في كتاب الله عز وجل لكي تنفي مثل هذا الظن ومثل هذا المعتقد ولكي تربي في الآباء وفي الأمهات أهمية الاعتراف بهذه النعمة لله سبحانه وتعالى حينما قال سبحانه: «لِلَّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ يَهَبُ لِمَنْ يَشَاءُ إِنَاثًا وَيَهَبُ لِمَنْ يَشَاءُ الذُّكُورَ، أَوْ يُزَوِّجُهُمْ ذُكْرَانًا وَإِنَاثًا وَيَجْعَلُ مَنْ يَشَاءُ عَقِيمًا إِنَّهُ عَلِيمٌ قَدِيرٌ» فالله سبحانه وتعالى قدم ذكر البنات في إشارة واضحة يرد بها المولى الكريم على أهل الجاهلية في استيائهم من التبشير بذرية البنات، فيأتي القرآن ويقدم نعمة البنات على نعمة الذكور، وفي تنكير البنات وتعريف الذكور دلالة أخرى فإن الذكور عند المخاطبين هو معهود الولد الذي يسرون به، فهم يعرفون أن نعمة الولد تنصرف في الغالب إلى الذكور ولذلك جاءت بصيغة التعريف لأنها المعهودة عندهم لكن الإناث «يَهَبُ لِمَنْ يَشَاءُ إِنَاثًا» جاءت اسم جنس نكرة للدلالة على عموم نعمة البنات وإنها حينما تحصل فهي موجبة لشكر الله تبارك وتعالى فاجتمعت في هذه الآية ثلاث دلالات «دلالة تقديم الإناث ثم دلالة التنكير ثم دلالة معنى ألفاظ الآية الكريمة» من بيان أن الله هو المتصرف في خلقه وهو جل وعلا العليم الحكيم فيهب من يشاء إناثا دون ذكور ويهب من يشاء من عباده أيضا ذكورا دون إناث أو يرزقهم ذكورا وإناثا أو يُعقم من يشاء من عباده وله سبحانه وتعالى في كل ما خلق حكمة وفي كل ما وهب حكمة.

يضاف إلى ذلك ما ورد في سنة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم من بيان فضل تربية البنات ورعايتهن وان من أحسن إليهم، وقام برعايتهن كن له سترا وحجابا من النار يوم القيامة.

بحسب تكليف الله..

في قول الله تعالى: «وَلَيْسَ الذَّكَرُ كَالْأُنْثَى» هل فيه تفاضل بين الجنسين؟

دلالة هذه الآية هي في بيان الاختلاف بين الجنسين، فإن الآيات السابقة مع هذه الآية «وَلَيْسَ الذَّكَرُ كَالْأُنْثَى» كلها تبين أن لكل جنس من هذين الجنسين صفات، هذه الصفات تميزه عن الجنس الآخر ولذلك نجد أن الله تبارك وتعالى يقول «خَلَقَ الزَّوْجَيْنِ الذَّكَرَ وَالْأُنْثَى» ويقول في هذه الآية التي ذكرتموها «وَلَيْسَ الذَّكَرُ كَالْأُنْثَى» فكل خلية في جنس من الجنسين تختلف عما هي عليه في الجنس الآخر فضلا عن الأنسجة والأعضاء وفضلا عن المشاعر والأحاسيس وهذا التمايز وهذا الاختلاف بين الجنسين يؤهل كل جنس لكي يقوم بمسؤولياته ولكي يرعى أماناته الدينية والدنيوية بحسب تكليف الله سبحانه وتعالى لكل من الجنسين في هذه الحياة.

إذا وجدت أسباب صحية..

يقول البعض ممن يقع في مثل هذه المشكلة ليس الضجر الذي يصيبه من بشارة البنت لذاتها وإنما من ميزانية الإنفاق القادمة التي أصحبت مخيفة بالنسبة له حسب ما يسمع.. ما هو موقع الإحسان الى البنت في ميزان الأعمال؟

أولا لنصحح هذه النظرة فإن دعواهم أن تضايقهم أو تضجرهم إنما هو ناشئ عما يصحب تربية البنات من نفقة مضاعفة زائدة عن تربية الذكور من الأولاد ليس بشيء حتى ولو صح أن نفقة تربية البنت هي أكثر كلفة فإن هذا لا يصح أصلا أن يكون سببا داعيا إلى الضجر والتأفف وإلى كفران نعمة الله سبحانه وتعالى على العبد لأن الله سبحانه وتعالى عد ذلك في كتابه الكريم أيضا من معتقدات أهل الجاهلية فقال: «وَلَا تَقْتُلُوا أَوْلَادَكُمْ مِنْ إِمْلَاقٍ نَحْنُ نَرْزُقُكُمْ وَإِيَّاهُمْ» في سورة الأنعام، فهنا يحذر المخاطبين من قتل الأولاد من فقر هم واقعون فيه ويبين أن الله سبحانه وتعالى يرزق الأبوين ويرزق كل فرد كما يرزق هؤلاء المواليد «وَلَا تَقْتُلُوا أَوْلَادَكُمْ مِنْ إِمْلَاقٍ» أي لا يكون الإملاق الذي أنتم فيه دافعا لكم الى قتل الأولاد، لأن الله سبحانه وتعالى هو المتكفل برزقكم وهؤلاء الذين يمنّ بهم عليكم من نعمة الولد هو الذي سيتكفل برزقهم أيضا، ويقول في سورة الإسراء: «وَلَا تَقْتُلُوا أَوْلَادَكُمْ خَشْيَةَ إِمْلَاقٍ نَحْنُ نَرْزُقُهُمْ وَإِيَّاكُمْ إِنَّ قَتْلَهُمْ كَانَ خِطْئًا كَبِيرًا» فيحذر هنا من أن يكون السبب الذي يتعلل به هؤلاء لوأد أولادهم أو لقتل بناتهم هو مخافة توقع الفقر والعوز والحاجة «وَلَا تَقْتُلُوا أَوْلَادَكُمْ خَشْيَةَ إِمْلَاقٍ» ثم يبين أن الله سبحانه وتعالى هو المتكفل برزق هؤلاء المواليد كما انه متكفل رزق أبويهم لذلك قال «نَحْنُ نَرْزُقُهُمْ وَإِيَّاكُمْ» كما جاء في الآية من سورة الإسراء، ولذلك لا بد أن ينتفي هذا السبب من واقع حياة الناس اليوم.

نعم، إذا وجدت أسباب صحية تصيب الأم أو أمراض وراثية تنتقل من الزوجين الى المواليد فإن الفقه الإسلامي يتسع لمعالجة مثل هذه الأوضاع الاستثنائية الخاصة.

ونحن في واقع الحياة نجد للأسف الشديد نجد في المقابل صورة مختلفة تماما عن هذه الصورة لأننا نجد من الآباء من يسيطر عليهم الجشع والعياذ بالله ممن يعد البنت مشروعا تثميريا يجلب له الأموال، وكلا النظرتين لا ريب منبوذتان في هذا الدين الحنيف، وهما مخالفتان لشرع الله عز وجل الوارد في كتاب الله تعالى والوارد في سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم.

بشارة بالجنة..

هل هناك ميزة خاصة في الإنفاق على البنت، بمعنى أن الأجر فيه أكبر، هل ورد شيء من هذا؟

وردت فيه جملة من الأحاديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وخير ما تدل عليه هذه الأحاديث هو البشارة بالجنة والوقاية من النار لمن رزقه الله بنات، كما في الرواية المشتهرة عند الناس وإن كان لبعض المحدثين فيها مقال وهي رواية «من ابتلي بثلاث بنات أو من عال ثلاث بنات أو ثلاث أخوات كن له سترا من النار. فقال رجل: أرأيت ابنتين يا رسول الله. فقال: من عال ابنتين أو أختين فأدبهن وأحسن إليهن كنّ له سترا ووقاية من النار» حتى قال الراوي لو سئل عن واحدة لأجاب.

لكننا نجد مثل هذا المعنى في روايات صحيحة ثابتة مَتْنا في عدد من الطرق أن «من رزقه الله سبحانه وتعالى بشيء من البنات فأحسن إليهن وأدبهن وقام برعايتهن كنّ له سببا لدخول الجنة والوقاية من النار» وفي قوله «شيء من البنات» دليل على انه متى ما رزق بشيء من البنات فأحسن إليهن وقام بتربيتهن التربية الإسلامية التي تنشئهن على الفضائل وعلى جميل الخصال وعلى أن يكنّ مؤهلات للأدوار اللاتي نيطت بهن في هذه الحياة فلا ريب أن هذه المعاناة وان هذه الرعاية نظرا لأن جهدها أكبر فإن فضلها أعظم عند الله تعالى.

لفظة «الابتلاء» في هذا الحديث هل هي صحيحة؟

الرواية بعض طرقها ضعيفة لكن جملة من طرقها أيضا صحية وهي بهذا المتن «من ابتلي بشيء من البنات» والابتلاء بمعنى الاختبار، ولا ريب أن المسلم يبتلى ويختبر بالخير والشر، ولكن فسّر أهل العلم هذه اللفظة من الحديث على أن المقصود ما كان يظنه المخاطبون، فالمخاطبون بهذا الحديث يظنون أو يرون أن نعمة أو الرزق بالبنات هو مما تكرهه النفوس أو تستثقله، ولذلك جاء الحديث على وفق ظن المخاطَبين وبيّن أن هذا الابتلاء يمكن أن يكون سببا لدخول الجنة فلا علاقة له بمنزلة المرأة ولا يحط

ذلك من قدر المرأة لأنه -كما قلنا- وردت روايات أخرى بل نجد في كتاب الله عز وجل التعبير بالابتلاء عما هو من معالي الأمور ومن مكارمها كالابتلاء بالقتال في سبيل الله أو الاستشهاد في سبيل الله والابتلاء بأنواع وبصنوف من النعم لا يعدها الناس مما تكره أو إنها تستثقل لذاتها وإنما لما يترتب عليها.

تربية نبوية..

ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم انه خرج الى الناس وهو يحمل أمامة بنت زينب رضي الله عنها وصلى بالناس في بعض الروايات، كثيرا ما يركز الفقهاء عندما يتناولون هذا الحديث على دلالاته الفقهية والأحكام المترتبة عليه، بالنسبة لحمل البنت والصلاة بها أمام الناس والافتخار بها أمام الناس هل يحمل دلالة معينة؟

نعم، والدلالات التي تشيرون إليها هي أظهر وأوضح، وفعلا كان ينبغي لأهل العلم أن يستنبطوا هذه الدلالة لأنها دلالة تربوية بالغة الأهمية لا سيما وان الأحكام الفقهية التي تشيرون إليها في السؤال هي محلّ خلاف، هل الحكم الشرعي المأخوذ من هذه الروايات لا يزال باقيا أم أنه نسخ بروايات أخرى؟ أو أن ذلك يحمل على النوافل دون الفرائض؟ مع أن بعض الروايات تصرح بأن الرسول صلى الله عليه وسلم صلى بهم جماعة والمعهود انه يصلي بهم الفرائض أو يحمل ذلك على الحاجة والضرورة لا على حالات السعة، فللفقهاء فيما يتصل بالحكم الشرعي كلام كثير، إلا أن الدلالة التربوية ليس فيها خلاف فهي تدل على رحمة رسول الله صلى الله عليه وسلم بالبنات وعظيم رعايته وهو صلى الله عليه وآله وسلم أرأف الناس وأرفقهم، فهنا يقدم قدوة حسنة لأصحابه وللمسلمين جميعا بأهمية رعاية البنات، فلئن كان رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يجد غضاضة يأخذ حفيدته ابنة ابنته زينب رضوان الله تعالى عليها الى الصلاة وهو يصلي بالناس وهو إمام الأنبياء والمرسلين سيد الخلق على الإطلاق صلى الله عليه وأله وسلم ثم يحملها فيضعها إذا سجد وإذا ركع وإذا قام حملها أو رفعها كما في الروايات هذه الدلالة التربوية هذه المحبة والشفقة والعاطفة التي يعامل بها رسول الله صلى الله عليه وسلم حفيدته كما كان شأنه في معاملته لسائر الأولاد وفي توجيهه لصحابته الكرام رضوان الله تعالى عليهم بإيلاء الولد مزيد العناية وحسن التربية

وجميل الأدب وكل العاطفة والحنوّ والرفق في سبيل تربيتهم ذكورا وإناثا تربية صالحة.