أفكار وآراء

ستاند باي ليتر أوف كريدت «اعتماد الضمان أو خطاب الجهوز»

04 يناير 2017
04 يناير 2017

د. عبد القادر ورسمه غالب -

تقوم البنوك التجارية بدور جوهري في دعم التجارة المحلية والدولية وعبر تقديم التمويل للزبائن وللمشاريع الحيوية وكذلك عبر استمرار قيامها بتعزيز وتغطية خطابات الاعتماد المتعلقة بالعمليات التجارية بين الزبائن وشركات التصدير الخارجية. هذه النشاطات المتعددة تعتبر من أساسيات العمل المصرفي المتجدد دوما حتى يتمكن من تغطية كل مستجدات العمليات المصرفية التجارية وفق المعطيات والإمكانيات المتوفرة. بل إن البنوك النشيطة وإداراتها المتطلعة تجد نفسها في أوضاع معينة تحتم عليها البحث عن البدائل الضرورية لتطوير أعمالها ومنتجاتها لجذب الزبائن وكسب المنافسة في السوق.

كدلالة، نشير إلى الخطوة التي سبق أن انتهجتها بعض البنوك الأمريكية والخاصة باستحداث أو لنقل ابتكار نوع جديد من خطابات الاعتماد لمقابلة تلبية احتياجات كبار الزبائن من مصدري السلع والخدمات الأمريكية للعالم. وهذا الابتكار الذي لا يخلو من الجراءة ظهر خصيصا لأن القانون الأمريكي يحظر على البنوك إصدار بعض الكفالات المصرفية التقليدية بأنواعها التي تشمل خطابات الاعتماد المعززة، الاعتمادات المجددة تلقائيا (الدائرية)، الاعتمادات القابلة للتحويل، اعتمادات الشريط الأحمر، اعتمادات الشريط الأخضر، الاعتمادات المتعادلة، اعتمادات السحوبات الزمنية... الخ.

البنوك الأمريكية لم تقف مكتوفة الأيدي بل ضربت مثلا يحتذي في قيامها بالبحث عن البدائل المصرفية التي تمكنها من تغطية ومقابلة التزامات زبائنها دون خرق للقانون ولهذا تم شحذ الهمم لابتكار طريقة جديدة تم تطويرها بل اعتمادها إلى ما يعرف حاليا باعتماد الضمان أو خطاب الجهوز (ستاند باي ليتر أوف كريدت) .( ونظرا لتداخل العمل المصرفي مع بعضه في كل الأرجاء، استفادت البنوك في البلدان الأخرى من هذا الاعتماد الجديد وتم تطبيقه في التعاملات بينهم وبين البنوك الأمريكية وأيضا فيما بينهم والبنوك غير الأمريكية.

وتطور الأمر وأثبت وجوده علي أرض الواقع حتى تم النص علي هذا الاعتماد في المادة (1) من النشرة رقم (ستمائة) للقواعد والأعراف الدولية الموحدة للاعتمادات المستندية والتي عالجت هذا النوع من الاعتمادات واعتمدته، وتم تعريف اعتماد الضمان أو خطاب الجهوز على انه عبارة عن تعهد بنكي صادر من المصدر ويتعهد بموجبه بقبول سحوبات المستفيد بمبالغ لا تزيد قيمتها عن حد معين وخلال مدة محددة وذلك مقابل تقديم المستفيد لمستندات معينة يتحدد نوعها على أساس نوع الكفالة المطلوبة.

وأول هذه المستندات تفيد أن الطرف المكفول (طالب فتح الاعتماد) فشل في تنفيذ الالتزامات المترتبة عليه والمتعاقد عليها مثل تقديم كفالة حق التنفيذ أو توقيع اتفاقية العطاء... أو خلافه.

وهذا النوع من الاعتمادات يصدر بناء على طلب المقاول أو البائع الذي يطلب من بنكه أن يصدر اعتماد الضمان لصالح المستفيد (صاحب المشروع) أو المشتري. وبهذا يلجأ المستفيد من السحب إلى الاعتماد في حالة إخفاق المقاول أو البائع في القيام بتنفيذ التزاماته بموجب العقد، هذا علي أن يتم الدفع بموجب ووفق شروط الدفع المتفق عليها.

إن الفرق بين اعتماد الضمان والاعتماد العادي (التقليدي) إن اعتماد الضمان يصدر لتغطية حالات إخفاق فاتح الاعتماد في تنفيذ شروط العقد. بينما يصدر الاعتماد العادي من اجل أن يحصل المستفيد على استحقاقه في حالة وفائه بشروط الاعتماد. ومن هذا يتضح أن اعتماد الضمان هو بمثابة اعتماد خدمات وليس اعتماد استيراد أو تصدير، والمستندات المقدمة عليه هي مستندات الخدمات وليس مستندات الشحن. وكذلك يمكن للبائع أو المقاول أن يطلب من المشتري أو صاحب المشروع خطاب اعتماد ضمان لصالحه بحيث يلجأ البائع أو المقاول للسحب على الاعتماد في حالة إخفاق المشتري أو صاحب المشروع.

من واقع التجربة يتضح لنا أن العديد من البنوك ما زالت تواجه بعض الصعوبات في فهم وهضم بل وتطبيق هذا النوع من الاعتمادات بالرغم من أهميته في المعاملات مع البنوك الأمريكية ومع غيرها من البنوك الاخرى وخاصة بعد أن تم تضمينه في النشرة الصادرة من غرفة التجارة الدولية في باريس، وهي النشرة التي تفتح الباب للتطور المصرفي لدفع التجارة العالمية.

ولذا ننصح البنوك بالعمل من اجل سبر أغوار هذا النوع الجديد من الاعتمادات خاصة وأن ديناميكية الأعمال والتجارة العالمية يتطلبان التفاعل والانسجام مع كل المستجدات من اجل البقاء داخل الدائرة عبر التطبيق الصحيح للمنتجات المصرفية المتجددة يوميا ودوما، وبالعدم سنغلق أبوابنا وسنحرم بنوكنا من الاستفادة من استحقاقات هذه الخدمة المصرفية التي أصبحت من متطلبات العمل المصرفي الدولي، ومن لا يعمل لا يتجدد ومن لا يتجدد سيقبع في مكانه بعيدا عن ومن الآخرين، بل وسيظل غير متفاعل مع تطور الصناعة المصرفية التي تتفاعل مع المعطيات العالمية الحديثة.

[email protected]