887151
887151
تحقيقات

«الأنفاق وعبارات الأودية».. لماذا لا تستخدم معابر آمنة للمركبات؟

04 يناير 2017
04 يناير 2017

887149

التأكيد على تصاميم تراعي تصريف المياه وحركة المرور -

مطالب بمنافذ بديلة للتقاطعات المغلقة بين شمال وجنوب طريق الباطنة -

التصميم الحالي للأنفاق والعبارات لا يتعدى غرض تصريف المياه وتعجز عن استيعابها -

النقل: لا يوجد خطة لتعديل العبارات على الطرق القائمة ونراعي تعدد الاستخدام في الطرق الجديدة -

بلدية مسقط: إعادة تشييد وتوسعة بعض العبارات الصندوقية على شارع السلطان قابوس -

تحقيق :‏ عبدالله بن سيف الخايفي -

ووفق المعايير العالمية المعروفة فان عبارات تصريف مياه الأودية والتي هي فتحات يتم بناؤها لتصريف مياه السيول الناتجة عن هطول الأمطار العابرة للطرق، فإنها يفترض أن تنشأ وفق تصاميم ومواصفات فنية ومعايير عالمية تحدد سعتها وعرضها وارتفاعها وميولها وسماكتها والمواد المستخدمة في بنائها من الخرسانة المسلحة أو الحديد الصلب أو الأحجار وفق الغرض من إنشائها مع الأخذ في الاعتبار أعلى كمية لهطول الأمطار وفق إحصائيات الأرصاد ومراكز المعلومات مع دراسة المكان والاستئناس بخبرات السكان.

لكن واقع إنشاء هذه العبارات على طرقنا يشير الى أن عبارات تصريف المياه لا يتعدى تصميمها تحقيق غرض واحد فقط وهو عبور مياه الأودية لكنها في كثير من الطرقات تعجز حتى عن تحقيق هذا الغرض وذلك بسبب تصميمها غير المناسب وضيقها وارتفاعها أو انخفاضها عن مستوى الجريان فتتسبب في ارتداد المياه وغمرها للطرقات وإلحاق أضرار بالمناطق السكنية المجاورة، وفي بقية أيام السنة لا تعدو كونها أنفاقا عديمة القيمة بل إن بعضها يساء استخدامه كملجأ لممارسات وسلوكيات من قبل بعض الأحداث والمراهقين العابثين والعمال الهاربين.

لماذا لا يتم الاستفادة من أنفاق وعبارات تصريف مياه الأودية على الطرق الى جانب غرضها الأساسي في تصريف المياه لتكون معابر للسيارات وممرات آمنة للمشاة بين ضفاف المناطق التي تفصلها الأودية وذلك في الأوقات غير الماطرة وهي أغلب أيام السنة؟ ما الذي يمنع من تصميم تلك الأنفاق أو العبارات وفق رؤية تراعي استخدامها في اكثر من غرض وبالتالي توسعتها وتجهيزها بضروريات السلامة المروية والإنارة عند إنشائها وتدعيمها باللوحات التوجيهية والتحذيرية التي تنظم أوقات استخدامها ؟

هناك تجارب في محافظة مسقط تستخدم فيها الأنفاق والعبارات كطرق لعبور السيارات بشكل آمن كما في العامرات حيث صممت تلك العبارات باتساع كبير يسمح بعبور السيارات وفق ارتفاع محدد وخصصت لها لوحات تنظم استخدامها وتلك الأنفاق الموجودة في منطقة الحيل التي باتت حلقة ربط مرورية ناجحة بين ضفتي الحيل الشمالية والجنوبية بسهولة ويسر فلماذا لا يتم تقييم هذه التجارب ومدى تحقق الفائدة منها في أغراضها المختلفة كمعابر لمياه الأودية في موسم السيول وطرق آمنة للمشاة لعبور السيارات في بقية أيام السنة؟

وهل يمكن أن تعمم هذه النماذج لتطبق عند تصميم الأنفاق والعبارات الصندوقية في مشاريع الطرق الجديدة وتعديل القائم من العبارات الضيقة وتحويلها الى فتحات ذات جدوى؟

مواطنون مستخدمون للطريق أكدوا على أهمية إيجاد البدائل عند إغلاق التقاطعات والدوارات، كما حدث على طريق الباطنة التي خلفت ازدحاما ومعاناة تضطر الراغبين في الانتقال بين المناطق القريبة على شمال وجنوب الشارع الى قطع مسافات طويلة والوقوف في صفوف متراصة من السيارات قد يستغرق ساعات بينما كان يمكن اختصاره في دقائق معدودة.

ودعوا الى تقييم عمل عبارات الأودية على الطرق التي تفصل مناطق سكانية ومحاولة توسعتها وتهيئتها لتكون معابر مرورية آمنة في غير مواسم جريان الأودية الى جانب دورها في تصريف المياه في أوقات الأمطار.

وقال أحمد البلوشي ينبغي النظر في تحقيق أكثر من غرض عند تشييد الأنفاق وعبارات الأودية سواء في المشاريع الجديدة أو عند تأهيل الطرق القائمة ومراعاة الظروف السكانية المحيطة وتطور شبكة الطرق بما يحقق انسيابية في المرور وفك الازدحام الى جانب غرض تصريف المياه.

وتحدث سعيد المقبالي عن المعاناة التي تزداد يوما بعد آخر على طريق الباطنة وذلك بعد إغلاق التقاطعات والدوارات على الطريق وقال: أصبحت المنافذ محدودة وبعيدة مما يضطر مستخدمي الطريق الى قطع مسافات طويلة للوصول الى المنفذ الأقرب والانتظار في صفوف طويلة من السيارات المزدحمة.

وشاطره الرأي سيف الصالحي الذي أبدى انزعاجه من هدر الوقت وقطع مسافات للبحث عن منفذ والدخول في اختناقات مرورية كان يمكن تفاديها من خلال التخطيط المسبق الذي يفترض أن يراعي مختلف المعطيات الاجتماعية والاقتصادية والسكانية والمرورية في المنطقة قبل تطبيق قرارات خلفت تداعيات سلبية على حركة المرور وعطلت مصالح الناس.

وعبر سليمان المنذري عن استيائه من غياب منافذ التواصل بين شمال وجنوب طريق الباطنة، وقال إن المعاناة مستمرة عند الرغبة في قطع الطريق بين الشمال والجنوب ونضطر للدخول في ازدحام مروري على التحويلات المكتظة بالسيارات مطالبا الإسراع بإنشاء إنفاق ربط وتكون على مسافات قريبة تسهل من انسيابية الحركة المرورية.

من جهة أخرى أشاد سالم العامري بدور الإنفاق في منطقة الحيل التي سهلت من عملية الانتقال وساهمت في الحد من الازدحام المروري. محمد المعشري من العامرات قال بدوره إن فتح معبر الوادي على طريق العامرات – عقبة بوشر ساهم في سهولة التنقل من والى المنطقة الخامسة والمناطق السكنية الأخرى على شارع الجود.

كما أبدى سعيد الحارثي ارتياحه من استخدام العبارات الصندوقية على طريق مرتفعات لمرور السيارات، وقال: إنها تحقق غرضا مروريا مهما ودعا الى إعادة النظر لتوسعة العبارات التي يمكن تحويلها للاستخدام المروري الى جانب الغرض الرئيسي منها لتصريف المياه.

وفي تواصل مع المسؤولين في بلدية مسقط أكدت المديرية العامة للمشاريع ببلدية مسقط على الأهمية الكبيرة للعبارات الصندوقية في تصريف مياه الأودية وفي المحافظة على البنية التحتية وقالت في ردها على أسئلة (عمان) ان للعبارات الصندوقية أهمية كبيرة في تصريف مياه الأودية والمياه السطحية عند سقوط الأمطار حيث تعمل كغرض رئيسي من إنشائها على تصريف المياه اسفل الطرق القائمة عند مسارات المجاري المائية وأن عدم وجودها سيتسبب في خسائر مادية بالبنية التحتية والأملاك الخاصة.

وقالت إنه يتم تصميم العبارات حسب كميات تدفق المياه وبناء على دراسات هيدرولوجية للتجمعات المائية المحيطة بالطرق منوهة الى أن الهدف الرئيسي للعبارات الصندوقية هو تصريف المياه أسفل الطرق لكنها أشارت الى انه تم في بعض الطرق- التي تم تنفيذها مؤخرا- استخدام العبارات كممر للمشاة بعد أن ارتأت البلدية إمكانية ذلك فنيا كون إنشائها يتطلب تكلفة مالية عالية.

المديرية العامة للمشاريع ببلدية مسقط أوضحت في ردها بأن تصميم العبارات يعتمد على دراسة هيدرولوجية لتحديد كميات المياه حيث يتم تصميمها على الطرق الرئيسية والثانوية لفيضانات ذات 50 سنة تكرارية وهي معايير تستند على دليل تصميم الطرق في السلطنة وهو متوافق عالميا.

أما الطرق الفرعية والداخلية فيتم تصميمها لفيضانات ذات 25 سنة تكرارية حسب الدليل المذكور علما أن بعض العبارات في الطرق الرئيسية القديمة تم تصميمها لأقل من 50 سنة تكرارية بسبب عدم توفر البيانات الهيدرولوجية الكافية للتصميم في حينه وكذلك البيانات التخطيطية للمناطق المحيطة ومنها شارع السلطان قابوس، ولذلك تتأثر بعض المواقع على هذا الشارع عند سقوط الأمطار، وقد قامت البلدية بدراسة لإعادة تشييد بعض العبارات الصندوقية على هذا الطريق حيث يتم توسعة معظم العبارات عليه في مناطق السيب والقرم وقرب برج الصحوة وسوف تقوم بتنفيذ الباقي متى ما توفرت الاعتمادات المالية.

وحول استعمال العبارات لأكثر من غرض قالت المديرية العامة للمشاريع ببلدية مسقط انه تم تنفيذها في بعض الطرق التي أنجزت مؤخرا مثل شارع السلطان قابوس في منطقة السيب الذي يوجد به عدد من العبارات الصندوقية والتي تستعمل لمرور المشاة والسيارات في عدد من المواقع وكذلك في طريق مرتفعات العامرات وطريق العامرات – قريات.

لكنها قالت إن الطرق القائمة والتي لم يتم فيها تنفيذ العبارات الصندوقية متعددة الاستخدام فانه ليس من السهل عملها الآن لأنها مرتبطة بتكلفة مالية عالية، حيث يتطلب عمل تحويلات مرورية مكلفة وقد تكون غير ممكنة في بعض المواقع المزدحمة وأيضا زيادة حجم العبارات يتطلب رفع مستوى الطريق اعلى العبارات مما يزيد من التكلفة المالية لتنفيذها بالإضافة الى عدم وجود المساحات المناسبة وقالت: سيتم النظر في كل موقع على حدة متى ما دعت الحاجة لذلك.

من جانبها وزارة النقل والاتصالات قالت بانها تقوم بإنشاء عبارات أودية صندوقية لتكون بالاستخدامات المتعددة في عدة مواقع وأنها مستمرة في دراسة ذلك مع الأخذ في الاعتبار السلامة المرورية وأكدت على أنها تقوم عند ازدواجية وتأهيل الطرق بتعديل العبارات الصندوقية حسب الدراسات الهيدرولوجية، وكذلك حسب متطلبات الموقع لخدمة القرى والتجمعات السكانية ، لكن من واقع الحال على الطرقات القائمة تعاني مناطق على طريق الباطنة - الذي أعيد رصفه اكثر من مرة وتأهيله اكثر من مرة - من ازدحام وصعوبات في التنقل بين شمال وجنوب الشارع وذلك بعد إلغاء الدوارات واستخدام التحويلات بديلا عنها فيما لم يتم إجراء أي تعديلات على تلك العبارات الصندوقية على مسار الطريق لتحل ولو جزء من الإشكاليات التي خلفها إلغاء الدوارات والتقاطعات وبقيت عبئا على تلك المناطق وسببا في ارتداد المياه عند جريان الأودية فضلا عن عدم الاستفادة منها في العبور للمشاة أو المركبات في الأوقات العادية.

وزارة النقل والاتصالات أكدت على استخدامها المعايير المنصوص عليها في دليل تصميم الطرق للدراسات الهيدرولوجية والهيدروليكية بالإضافة الى المعايير العالمية عند إنشاء العبارات، وأضافت إنها تراعي طبيعة موقع التقاطعات لمسار الطريق مع مجاري الأودية، وتكلفة الإنشاء وذلك لتحديد حجم عبارات الأودية الصندوقية من أجل تحقيق الهدف الذي أنشئت من أجله وهو عبور المياه من خلالها بشكل سليم.

وأوضحت الوزارة أن تحديد أحجام العبارات الصندوقية عند مواقع تقاطع الأودية مع مسارات الطرق يعتمد على عرض وعمق هذه المواقع والدراسات الهيدرولوجية والدراسات الهيدروليكية وفقا لما هو منصوص عليه في دليل تصميم الطرق والمعايير العالمية.

لكن جريان الأودية في عدد من المواسم كشف عن خلل واضح في الطاقة الاستيعابية لتلك العبارات وضيقها وعدم ملائمتها مع قوة اندفاع المياه وأدى ذلك الى ارتداد المياه وفيضانها على مسار الطريق والمناطق المحيطة الأمر الذي يطرح تساؤلا حول جدوى تلك الدراسات ومدى ملائمتها للطبيعة الجغرافية للمنطقة ومستويات الارتفاع والانخفاض لمجاري الأودية وأهمية إعادة تقييم استخدام تلك المعايير المعتمدة وجدواها.

وفي ختام رد وزارة النقل والاتصالات أكدت أنه لا يوجد خطة في الوقت الحالي لإجراء تعديلات على العبارات الصندوقية القائمة وأرجعت السبب الى التكاليف المترتبة على ذلك على حد ردها لكنها من جهة أخرى قالت إنها تقوم عند ازدواجية وتأهيل الطرق بتعديل العبارات الصندوقية حسب الدراسات الهيدرولوجية، وكذلك حسب متطلبات المواقع لخدمة القرى والتجمعات السكانية فهل نشهد في الطرق الجديدة والازدواجيات ومناقصات التأهيل تعديلا يوجد إنفاقا للعبور وجدوى أفضل لعبارات الأودية؟