كلمة عمان

حتى لا يدفع الأبرياء ثمن الجرائم الإرهابية

23 ديسمبر 2016
23 ديسمبر 2016

يبدو أن الجماعات والتنظيمات الإرهابية، التي ابتليت بها المنطقة على مدى السنوات الأخيرة، والتي يزداد توحشها، وتتصاعد بشاعة جرائمها عنفا ودموية، لم تعد تكتفي بالحروب والمعارك المسلحة، التي أغرقت فيها أكثر من دولة عربية، بكل ما ترتب ويترتب عليها من نتائج تعاني منها، ليس فقط الدول والشعوب المستهدفة مباشرة، ولكن أيضا العديد من دول المنطقة وشعوبها، ولكنها عمدت إلى محاولة توسيع نطاق جرائمها وإرهابها ليطال أهدافا ودول أخرى عربية وغير عربية، غير عابئة بالنتائج وردود الفعل التي تسببها هذه الجرائم والممارسات البشعة، على مستوى الدول والشعوب المستهدفة، وعلى المستوى الدولي الأوسع، بما في ذلك تشويه الدين الإسلامي الحنيف، بوسطيته واعتداله، وبقيمه الرفيعة التي تنتصر للإنسان، ولعمارة الأرض وتطوير الحياة لصالح البشرية جمعاء.

وخلال الأيام القليلة الماضية تعددت الجرائم والممارسات الإرهابية، التي يرفضها الضمير الإنساني والعقل السليم، وكل الأعراف والقوانين، فمن فتح النار من جانب إرهابيين على رجال شرطة في الكرك جنوب المملكة الأردنية الهاشمية الشقيقة، إلى اغتيال السفير الروسي في تركيا بدم بارد خلال كلمته في الاحتفال بافتتاح أحد المعارض الفنية، إلى قيام أحد الإرهابيين بدهس مجموعة من المواطنين الألمان في العاصمة الألمانية برلين بشاحنة، في تكرار بشع لما حدث في إحدى المدن الفرنسية قبل عدة أشهر.

وبينما أعربت السلطنة عن تنديدها بأقوى العبارات بتلك الأحداث الإرهابية، مؤكدة وقوفها ودعمها للمملكة الأردنية الهاشمية الشقيقة، حكومة وشعبا، في مواجهتها لمحاولات استهدافها من جانب جماعات وتنظيمات إرهابية، واستنكارها الشديد كذلك، سواء لاغتيال السفير الروسي في أنقرة، والذي يتنافى مع القوانين والتقاليد الحاكمة للعمل الدبلوماسي، أو لعملية دهس المدنيين في برلين، فإنه بات من المهم والضروري العمل بشكل أكثر جدية وتعاونا وتنسيقا، على الصعيدين الإقليمي والدولي، من أجل زيادة فاعلية عمليات مكافحة الإرهاب، الذي تمتد أذرعه الإجرامية لتطال شعوبا ودولا متزايدة في المنطقة والعالم من حولها.

ومع الوضع في الاعتبار أن الظاهرة الإرهابية، التي استفحلت وتوحشت، وتعددت صورها وممارساتها، دفعت بكثير من الدول للتعاون في مكافحة الإرهاب، سواء في سوريا أو العراق أو غيرهما من الدول التي تتعرض لجرائمه بشكل أو بآخر، فإنه من المؤكد أن المكافحة الأمنية لن تنفع وحدها، في اقتلاع جذور هذه الظاهرة التي تسمم حياة شعوب عربية وأجنبية عديدة، وتبدد طاقاتها. ولذا فإن التعاون والتنسيق لتجفيف منابع الإرهاب وتمويله، وتضييق الخناق على عمليات التجنيد والتدريب على العمليات والممارسات الإرهابية عبر شبكة المعلومات العالمية -الإنترنت- وتطوير وسائل التعاون الأمني بين الأجهزة المعنية في الدول المختلفة، أصبح ضرورة ملحة، لحماية المجتمعات، وللحد من فرص نجاح العمليات الإرهابية، وللكشف عن الخلايا النائمة والذئاب المنفردة وحماية الآمنين من عبثها ونوازعها الإجرامية . وحتى لا يدفع الأبرياء، عربا ومسلمين وغيرهم على امتداد العالم، ثمن تلك الجرائم التي لا تمت للإسلام بأي صلة وهو منها براء .