867577
867577
المنوعات

المنتدى الأدبي يحتفي بفكر الفقيه أبي زكريا يحيى بن سعيد

13 ديسمبر 2016
13 ديسمبر 2016

العدوي: ماضون في تقديم النماذج المشرقة من الأسماء العمانية المفكرة -

نزوى: محمد الحضرمي -

ينظم المنتدى الأدبي خلال يومين متواصلين ندوة جديدة موسعة يقدم فيها قراءة في فكر القاضي الفقيه أبي زكريا يحيى بن سعيد بن قريش العقري النزوي (ت: 472هـ/‏‏ 1079م)، من فقهاء القرن الخامس الهجري/‏‏ الحادي عشر الميلادي، افتتحت الندوة مساء أمس في مسرح المركز الثقافي بنزوى، وذلك برعاية سعادة عيسى بن حمد العزري وكيل وزارة العدل وحضور شخصيات رسمية وثقافية وشعبية.

نشر الدراسات البحثية المعمقة

بدأت الندوة بكلمة ألقاها خميس بن راشد العدوي رئيس المنتدى، تحدث فيها عن الحركة العلمية في عمان، ومشاركة العمانيين الحضارية، وتطرق في كلمته إلى محورية العلامة أبي زكريا يحيى بن سعيد النزوي، والدور الذي قام به في تطوير منظومة القضاء في عمان، ومساهمته في بناء النظام الدستوري، أو ما يعرف بسيرة المسلمين.

وأشار إلى أن هذه الندوة تأتي ضمن سلسلة الندوات التي ابتدأها المنتدى الأدبي قبل حوالي ربع قرن، وتتواصل لتقدم النماذج المشرقة من الأسماء العمانية المفكرة، وأن المنتدى ماض لتقديم ونشر الدراسات البحثية المعمقة حول الثقافة العمانية عموما، ونأمل أن تقدم الندوة إضافة علمية وبحثية في دراسة هذه الشخصية بشكل خاص، وللمعرفة بشكل عام.

وفي ختام كلمته شكر العدوي المشاركين في الندوة والقائمين على المركز الثقافي، والذي يعد منارة ثقافية وعلمية أضيفت إلى الشأن الثقافي في السلطنة.

وفي الجلسة الأولى قدمت ورقتان حول سيرة الشيخ أبي زكريا والعصر الذي عاش فيه، حيث ألقى الباحث يونس بن جميل النعماني ورقة عن سيرة الشيخ أبي زكريا، أماط فيها اللثام عن تفاصيل من حياة هذه الشخصية التي صنعت منه قاضيا وفقيها وناظما.

وأكد في ورقته أن للفقيه أبياتا نظمية، وألف كتباً منها ما هو مفقود ومنها ما تم تحقيقه، وبعضها ما يزال مخطوطاً، ورغم دوره العلمي إلا أنه لم يُكتب عنه إلا القليل، وفي ورقته تحدث عن زمن مولده ووفاته والأوضاع الثقافية في عمان في القرن الخامس الهجري، والأحوال السياسية في عهده.

ظهور المؤلفات المتخصصة

وقدمت الدكتورة الباحثة بدرية بنت علي الشعيبية ورقة حول عصر الشيخ أبي زكريا السياسي والحضاري، قالت فيها: إن القرن الذي عاش فيها الشيخ شهد حدثا ثقافيا سياسيا هاما، تمثل في اجتماع كلمة العلماء في قضية عزل الإمام الصلت بن مالك الخروصي، في عهد الإمام راشد بن سعيد اليحمدي (ت: 445هـ)، وتميز بوفرة إنتاج العلماء في التأليف، وظهور المؤلفات المتخصصة في موضوع بعينه، ككتاب الإيضاح في الأحكام، وكتاب الإمامة للقاضي أبي زكريا يحيى بن سعيد النزوي، وظهرت أكثر من موسوعة علمية فقهية مثل «الضياء» في 24 جزءاً لأبي المنذر سلمة بن مسلم بن إبراهيم العوتبي (ت: بعد 500 هـ)، وبيان الشرع في 71 جزءا لأبي عبدالله محمد بن إبراهيم الكندي (ت: 508 هـ).

وقدمت الشعيبية في بحثها نبذة عن حياة الشيخ أبي زكريا النزواني ودراسة موجزة لأهم مؤلفاته، ودراسة للأوضاع السياسية خلال القرن الخامس الهجري، من حيث استعراض أئمة القرن الخامس، وإعطاء تعريف لكل إمام وعرض أهم أعمالهم، ودراسة أهم الخصائص السياسية وأهم الأحداث التي شكلت القرن الخامس الهجري سياسيا.

وسلطت الضوء على الأوضاع الحضارية خلال القرن الخامس الهجري، وذلك بدراسة الجوانب الثقافية والاقتصادية والاجتماعية، من خلال استعراض أهم علماء القرن الخامس الهجري ومؤلفاتهم، ودراسة أهم الخصائص العامة لهذه المؤلفات، وفي الجانب الاقتصادي درست وضع عمان التجاري وعلاقاتها الاقتصادية وتأثير ذلك على الجانب الثقافي، كما درست الخصائص السكانية وأهم عناصر المجتمع العماني بشكل عام والنزوي بشكل خاص، ودراسة تأثير التنوع السكاني على الحركة الثقافية في عمان خلال القرن الخامس الهجري.

أصول التقاضي وآدابه

وفي الورقة الثالثة من الندوة قدم ناصر بن سليمان السابعي بحثا عن القضاء في زمن أبي زكريا، تناول العمل القضائي في زمن القاضي أبي زكريا، باعتبار القضاء أحدى ركائز بناء الدولة ومن أهم أنظمتها، وعمدة في إدارة شؤون الناس وتحقيق الاستقرار، وقال الباحث: إن القاضي أبا زكريا من أبرز الذين عملوا في سلك القضاء وصاحب الاختصاص فيه، وهو مرجع في الأحكام والمعرفة بأصول التقاضي وأدوات الفصل بين الخصومات، لا سيما كتابه (الإيضاح في الأحكام)، حيث أودعه أصول التقاضي وآدابه، وعددا من الأحكام، ومرجعياته الشرعية، وموارده المعرفية، ومصادره العلمية.

وسلط السابعي في ورقته الضوء على الكتب المؤلفة في عصر الشيخ أبي زكريا في مجال القضاء، ويأتي في رأس قائمتها كتاب (الإيضاح في الأحكام)، وكتاب: (بيان الشرع) للشيخ محمد بن إبراهيم الكندي، وكتاب (الضياء) للعوتبي، وكتاب (الدلائل والحجج) لأبي إسحاق إبراهيم الحضرمي.

كما تحدث عن أشهر القضاة في عصر الشيخ أبي زكريا، مثل القاضي أبي علي الحسن بن سعيد بن قريش، والقاضي أبي سليمان هداد بن سعيد، والقاضي نجاد بن موسى، والقاضي أبي حمزة المختار بن عيسى، والقاضي أبي بكر أحمد بن محمد بن خالد، والقاضي أبي علي الحسن بن أحمد بن نصر الهجاري، والقاضي محمد بن عيسى السري، والقاضي أبي بكر أحمد بن عمر بن أبي جابر المنحي.

وبحث السابعي أصول التقاضي في عصر الشيخ أبي زكريا، ومقومات العدالة اللازمة للقاضي والخصوم والإجراءات، مع تقديم نماذج من الأحكام في عصر أبي زكريا، والتي أودع بعضها في كتابه أو حكم بها غيره من القضاة.

فقه القضاء لدى المحتفى به

واختتم اليوم الأول من الندوة بورقة قدمها أحمد بن سليمان البوصافي، تناول فيها فقه القضاء عند أبي زكريا، واستجلى فقه القضاء لدى الشيخ المحتفى به من خلال كتابه «الإيضاح في الأحكام»، من خلال مقدمة وجيزة وضحت تاريخ الكتاب والمحيط القضائي المعاصر له، كما تحدث عن منهجية الكتاب والمواضيع التي تناولها، وآراء المؤلف في بعض مسائل فقه القضاء، وموقف التشريع المعاصر في بعض المسائل.

وقال الباحث في سياق ورقته: إن مؤلف كتاب «الإيضاح في الأحكام» غزير العلم راسخ القدم، يناقش الأقوال بمنهج فطاحل العلماء، ويوضح رأيه في مسائل فقه القضاء، وكيف انتهى إلى الأخذ به وترجيحه، كما أنه يبين في أحيان أخرى أن الخلاف سائغ في مسألة معينة، وتقبل فيها الأقوال التي تمخضت فيها من لدن العلماء، وفي بعض الأحيان يتوقف الشيخ عن الترجيح.

وقال أيضا: يتضح من خلال مقارنة بعض ما أورده الشيخ في مؤلفه القيم، أو رجحه من آراء، أنه يجري العمل بها في عصرنا تشريعا وقضاء، كما يتضح أنه يجري العمل على خلافها في أحيان أخر، مع تباين الزمن كما هو معلوم، فالمسافة بيننا والمؤلف تقارب ألف سنة.

أدار الجلسات الباحث الدكتور محمد بن ناصر المحروقي، حيث تطارح الحضور مع المحاضرين الأسئلة التي نبشت كثيرا من التفاصيل المغمورة عن حياة وفكر هذا القاضي الفقيه.

تواصل الندوة اليوم

جدير بالذكر أن الندوة ستتواصل مساء اليوم في مسرح المركز الثقافي بنزوى، بتقديم أربع ورقات يشارك فيها الباحث فهد بن علي السعدي بورقة حول الآثار العلمية لأبي زكريا، والباحث بدر بن سيف الراجحي بورقة يقرأ فيها كتاب الإيضاح في الأحكام قراءة مفصلة، والباحث سلطان بن مبارك الشيباني الذي سيقدم ورقة يقدم فيها قراءة في محضر قضائي من دفتر أحكام القاضي أبي زكريا يحيى بن سعيد، وتختتم الندوة بورقة يقدمها الباحث خالد بن مبارك الوهيبي تتناول الأعمال الدستورية في زمن القاضي الشيخ أبي زكريا.