أفكار وآراء

صناعة السياحة المحرك الاقتصادي الأكثر تميزًا ..

07 ديسمبر 2016
07 ديسمبر 2016

جمال إمام -

بحلول عام 2030 يتحدث خبراء السياحة الدوليون عن تحول جذري في مفهوم المنتج السياحي العماني الذي يتمتع بتنوع بيئي نادر ومقومات طبيعية ساحرة قلما تتوافر لبلد في آن واحد بالإضافة إلى إرث حضاري وثقافي يضرب بجذور في أعماق التاريخ..

ولعل السر في ذلك يكمن في القيمة المضافة لهذا المنتج الذي تنبهت إليه عمان فعملت على ضخ الاستثمارات في هذا القطاع الواعد لإعادة صياغة صناعة السياحة العمانية على أسس ومعايير جديدة..

تقوم على محركات تصنع هذا الفارق الذي يتحدث عنه هؤلاء الخبراء في مقدمتها سياحة المؤتمرات والمعارض والسياحة البيئية..

وإذا أمكن أن نضيف على أجندتها سياحة المشتريات، وإن كانت هذه تحتاج إلى ترتيبات مختلفة وعوامل جذب واستثمارات كبيرة..

تجعلها مجتمعة في صدارة المحركات التي تحتاجها بشدة هذه الصناعة الاستراتيجية التخصصية شديدة الازدهار في بلدان تتطلع؛ لأن تكون في الطليعة على خريطة السياحة العالمية والإقليمية..

وهي تحقق بدورها الأبعاد الاقتصادية والاجتماعية للمنتج النهائي..

ما الذي ينتظر صناعة السياحة العمانية وصولاً إلى ما بعد 2020 ..

وكيف تكون السياحة هي أبرز الرهانات التي تعول عليها عمان في تقديم منتج سياحي مختلف وخارج المنافسة..

في الواقع أن الإجابة تكمن في نقاط مهمة وآليات تضمنتها الاستراتيجية التي أطلقتها عمان وتستهدف نمو قطاع السياحة ليسهم بأكثر من 6% في الناتج المحلي الإجمالي..

وتعتمد فيها على مقاربة «مفهوم المواقع المتكاملة» المبتكرة التي ستستحدث مجموعة من التجارب السياحية الفريدة في مناطق مختلفة من عمان تعكس الثقافة والإرث المحليين..

وستبنى فكرة المواقع المتكاملة كما قالت وزارة السياحة حول التجربة الساحلية الفريدة لمنطقة مسندم وجبال الحجر ومسار اللبان في صلالة والثقافة في مسقط والصحاري.

وإذا كانت هذه المقاربة تتيح الإعلان عن خريطة الطريق المحددة للنمو والتوسّع في المستقبل فإن عمان تكون قد غيرت كثيرًا رؤيتها للقيمة المضافة لقطاع السياحة، وتضمن من خلالها أن يصبح هذا القطاع أحد أبرز الركائز الاقتصادية خلال العقدين القادمين من خلال تجربة جديدة..

مستفيدة بالطبع من التوجهات السياحية العالمية المتنامية التي تتجه نحو التعامل مع صناعة السياحة من منظور إتاحة الفرصة أمام تنوع سياحي ثقافي وبيئي وطبيعي وعائلي بحيث يكون السائح أمام منتج مختلف ومتعدد ومتنوع..

هل عمان مازالت تبحث عن التوليفة السحرية لاستغلال كنوزها السياحية حتى الآن ؟

الشيء المؤكد أنها وضعت يدها على أول المفاتيح التي يمكن أن تفتح باب التنمية في قطاع السياحة على مصراعيه وأنها تبنته بالفعل عندما طرحت استراتيجيتها للعقدين القادمين حتى 2040..

خاصة وأن الاستراتيجية ستطرح المواقع السياحية للاستثمارات الأجنبية الأمر الذي سيساعد على تدفقها..

كما تتبنى أيضا الوضع التشريعي المنظم للقطاع السياحي، ومن أهم هذه التشريعات أثر مشروع قانون الاستثمار الأجنبي على الاستثمار السياحي وكذلك التشريعات واللوائح المنظمة للعمل السياحي والتنسيق والتعاون مع الجهات الحكومية لتوفير الخدمات الأساسية..

كما تشمل البنية التشريعية أيضًا تحديث الإطار القانوني السياحي بشكل متعمق وإنشاء نظام حوكمة للسياحة وتنفيذ نظام محسن للإدارة السياحية الوطنية..

والواقع أن ذلك جزء مهم من الإجابة عن السؤال الحقيقي الذي ينبغي أن نعكف عليه عبر سياسات قابلة للتنفيذ هو كيف يمكن أن نبني صناعة سياحة تحقق التوقعات التي تحدثت عنها الخطة بجذب نحو 12 مليون سائح بحلول عام 2040 (حوالي 5.3 مليون سائح دولي سنوياً و1.7 مليون من زوار اليوم الواحد و4.6 مليون زائر محلي)..

في هذا الإطار فإنه من الأهمية بمكان أن يكون هناك أيضا اهتمام كبير في مجال صناعة السياحة بالأنشطة الاقتصادية المكملة والمرتبطة بالسياحة، وهو ما سيساعد كثيرًا على توفير فرص عمل وحجم الاستثمارات المتوقعة..

كما أنه من الأهمية بمكان أن يأتي الاهتمام بالترويج السياحي على الصعيدين الداخلي والخارجي باعتباره عصب التنمية السياحية بالعمل على تطوير مجالاته وأساليبه وطرقه وأدواته بما يواكب التحديات التي تفرضها المنافسة الواسعة في سوق السياحة العالمي..

مرة أخرى ينحصر التحدي الذي ينبغي الاهتمام به هو العمل على تجسير الفجوة بين المقومات الطبيعية والاستقرار السياسي من جانب، وبين عدد الزوار الفعلي الذي يجذبه قطاع السياحة وبين حجم العائدات التي يدرها هذا القطاع حيث مازالت الفجوة واسعة للغاية..

وذلك بفتح نوافذ جديدة لجذب فئات أخرى بجانب السياحة الانتقائية التي تتميز بالطابع العائلي والإنفاق العالي وكذلك تشجيع السياحة الداخلية وسياحة المؤتمرات..

وهو ما يتعين التركيز عليه للنهوض بهذا القطاع الذي يمثل أحد محركات التنمية الحقيقية..